مجلة كريستال Dec 11, 2025

أنطاكيا ... مدينة التاريخ والحضارة

أحمد صالح حلبي 
تعددت رحلاتي إلى تركيا ، لكنها انحصرت في زيارة بعض المدن كإسطنبول وطرابزون ، وريزا ، وسامسون ، وأوردو ، وإزمير ، والعاصمة أنقرة وغيرها ، ولم يحالفني الحظ بالتوجه صوب مدن الجنوب التركي باستثناء مدينتي أورفا وغازي عنتاب التي زرتها عام 2018 وتشرفت حينها بالالتقاء بالسيد علي يرلي قايا وزير الداخلية الحالي ، الذي كان واليا لغازي عنتاب ، كما سعدت بالالتقاء بالسيدة فاطمة شاهين رئيس البلدية ، التي أراها تستحق أن تكون المراءة الحديدية لكونها أول امرأة في تركيا تتولى منصب وزيرة الاسرة والسياسات الاجتماعية من منطقة جنوب شرق الأناضول ، وأول امرأة تشغل منصب نائبة مجلس الشعب عن غازي عنتاب ، وأول امرأة تشغل منصب عضو بمجلس النواب لفترتين متتاليتين ، ورئيسة للجنة البحث في أحداث العنف ضد الأطفال وجرائم الشرف في البرلمان التركي ، وغيرها من المناصب القيادية . 

وجاءت رحلتي هذه المرة صوب الجنوب التركي إلى محافظة هاتاي التي تشتهر بتاريخها العريق، وثقافتها العربية ، كما تمتاز بفن الطهي الذي مكنها بأن تكون عضواً في شبكة اليونسكو للمدن الإبداعية . 

أما مدينة أنطاكيا التي تمثل عاصمة الولاية فهي مدينة تاريخية ولها أهمية لدى المسيحيين في الشرق ، وكانت تلقب بـــ " تاج الشرق الجميل " ، و«أروع مدن الشرق» لكونها ملتقى أهم الطرق التجارية، ولم تكن عاصمة إدارية وثقافية وعسكرية فحسب، بل برزت أهميتها المسيحية باكرًا على ما يذكر سفر الأعمال . 

ورغم أن الرحلة جاءت ضمن وفد إعلامي عالمي إلا أن هذا لم يمنعني من التعرف على المدينة التي وقفت بشدة أمام الزلزال الذي ضربها في 2023 م وتسبب بتدمير عدد من المباني وإصابات ووفيات بالألاف ، ولم يكن الأول أو الأعنف فقد شهدت المدينة زلزالا في 13 كانون الأول/ديسمبر عام 115 للميلاد .

ولأن أنطاكيا مدينة التاريخ القديم فقد احتضنت فندقا حمل اسم " فندق المتحف " لكونه بني بطريقة هندسية مميزة ، وجمال معماري فوق أطلال رومانية ، ويضم نحو مائتي غرفة ، وتم بناؤه على أعمدة فولاذية للحفاظ على الطابع الروماني القديم الذي يعود للقرن الثالث قبل الميلاد ، ويقال أنه بني على أطلال مدينة أنطاكية التاريخية . 

وعلى الرغم من الحزن العميق الذي شعر به سكان المدينة ، بعد زلزال 2023 ، بدأت الحكومة التركية عملية إعادة إعمار
لكنهم استطاعوا الصمود وتحققت رغبتهم القوية في التعافي بعد الزلازل ، بعد أن بدأت الحكومة التركية عملية إعادة إعمار أنطاكيا وتخصيص موارد مالية ضخمة، وتوفير تسهيلات ، وتطوير شامل يتضمن الحفاظ على روح المدينة الأثرية ، وهذا ما رأيته في عودة الحياة لشارع أتاتورك في أنطاكية بعد إعادة إعمارها ، فظهرت العزيمة والإصرار والتحدي لإثبات الإرادة وبدء الخطوة الأولى على طريق إعادة الاعمار ، بالأفعال لا الأقوال . 
وفي الختام أقول إن كانت أنطاكيا تضم معالم تاريخيه كمهد للمسيحية ومركز ثقافي، ومتحف أنطاكيا الأثري الشهير بفسيفسائه الرومانية، فإن بها مسجد حبيب النجار التاريخي، الواقع وسط المدينة التاريخية ، والذي بناه الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح بعد فتح المسلمين لأنطاكية عام 638 ميلادية .

اخبار مشابهة

مجلة كريستال Jul 05, 2020

سلوفينيا.. لؤلؤة الرومانسية الأوربية

من وسط جبال الألب تخرج الجميلة الساحرة سلوفينيا لتُطل على البحر الأبيض المتوسط فتزيد من جماله،. أ...

Read more

مجلة كريستال Jul 08, 2020

ميدان الكوربة تحفة مصر المعمارية التي شيدها أجنبي

ميدان الكوربة هو متحف مفتوح دون أسور، حيث يمتليء هذا الميدان الذي بُني على يد أجنبي ليصبح أشهر ميداي...

Read more

مجلة كريستال Jul 09, 2020

ساعة بيج بن أهم معالم لندن السياحية

تعتبر ساعة بيغ بن من أهم واشهر المعالم السياحية في لندن والأيقونة التي تتميز بها عاصمة الضباب، ليس ذ...

Read more